إضاءة الإثنين 22 أغسطس

- Super Admin
- 30 Nov, -0001
- 253
طه النعمان يكتب ... مرة أخرى " أصل الحكاية"..!
* خاطبني شاب أم درماني برسالة عبارة عن مقال مطول أرسله على تطبيق الماسنجر " الخاص " و بدا لي انه مهموم بمآلات الأحداث و التطورات التي تأخذ بخناق الوطن ؛ ويودّ أن يستمزج رأيي في ما كتب .. على كلٍ هو كاتبٌ جيد يستطيع أن يعبر عن رؤاه بلغة سليمة و سلسة.. لكن ما لفت نظري و استوقفني هو هجومه العنيف حد الإفراط على قوى الحرية و التغيير و رئيس الوزراء السابق د.عبدالله حمدوك، و تحميلهما وحدهما وزر كل ما أصاب الثورة و الوطن من تراجع و فشل و انسداد أفق خلال الفترة الانتقالية ، و دعا بالتالي لرفض أي محاولة لتوحيد قوى الثورة و التغيير أو خلق جبهة عريضة تشملهم ، حتي لا نكرر الفشل .. بمعنى أن تمضي الثورة إلى غاياتها بشبابها و لجان مقاومتها دون أي اعتبار لتلك القوى ، و كأنها غير موجودة .. فرددت عليه في ذات التطبيق ، اهتماماً بما يصدر عن الشباب و بضرورة الحوار و التواصل معهم.. لعلنا نملك بعض ما يفيدهم و يوسع قنوات التواصل بين الأجيال ، التي تبدو الآن ضيقة ومحدودة و ربما منغلقة أحياناً .
أدناه ردي على صاحب الرسالة الاستاذ/ محمد الحسن محمد عثمان :
+++++
* لستُ معنياً أو في وارد أن أبرئ "قحت " أو غيرها او هذا الحزب أو تلك الجماعة أو الهيئة أو أي عضو فيها من أي خطأ أو خطيئة بعينها .. لكن ما كتبته يا أخي فيه تحامل كبير واضح و زائد على تحالف قوى الحرية و التغيير عموماً، وتناسي أو تجاهل - قد لا يكون مقصصوداً في دفقة الحماس- لسلطة الأمر الواقع : "اللجنة الأمنية العليا" - أي المجلس العسكري الإنتقالي سابقاً - القابضة على السلطة وصاحبة القرار النهائي في كل صغيرة و كبيرة و التي بحكم توازن القوى - السلاح و الجُند و المال - سيطرت على جهاز الدولة من قلبه و زحفت و تمدّدَت حتى طالت السلطات المخصصة للحكومة التنفيذية المدنية بحكم الوثيقة الدستورية : " الاقتصاد، الصحة التعليم ، العلاقات الخارجية .. إلخ " و حولت منذ البداية حكومة حمدوك الأولى إلى مجرد "مجموعة أفندية" أو تكنوقراط جالسين وراء مكاتب لا يملكون حولاً و لا قوة في مواجهة قوة المال و السلاح و الجيش الذي هو " مليشيا الكيزان على مدى ثلاثين عاماً" و حولت حمدوك نفسه إلى مجرد "ضابط علاقات عامة دولية" ليرفع عنهم ، بحكم خبرته المكتسبة ، الحظر بسبب الإرهاب و المقاطعة الاقتصادية الأمريكية و الدولية التي ورثوها من زمن البشير.
* و مما زاد الطين بِلة دخول الحركات المسلحة الحكومة و فرض واقع جديد أشد قتامة عبر التحالف " المغتغت" بين عسكر اللجنة الأمنية و ممثلي الحركات الذين دخلوا الحكم و أصبحوا جزءً من قوة "الأمر الواقع الأسوأ"
* عندها دعوا بعض أحزاب "قحت" لدخول الحكومة - كوزراء او مستشارين لحمدوك - كمجرد واجهة مطلوبة - للتزويق أو الحِلية - و ربما ضمن خطة ذكية، وهذا عندي هو الأرجح ، لضرب التحالف الشعبي الواسع للتغيير و تمزيق جبهته العريضة و "كتلته الحرجة" كمرتكز أساسي على طريق إجهاض الثورة ، بعد أن كان هذا التحالف مجرد "حاضنة" ، إسماً و شكلاً لا فعلاً - لا تُستشار ولا تُستأذن فيما تفعله الحكومة من قرارات أو إجراءات.
* قرارات و اجراءات هي قليلة أصلاً و لم تكن مؤثرة، سلباً أو ايجاباً ، في مجرى التطورات التي تنتظم البلاد ، إبان حكومة حمدوك الأولى "التِكنوقراطية".. ولم تمض سوى ثمانية شهور حتى ضاق العسكر بممثلي "قحت" القليلين في الحكومة و انقلبوا على ما أسموه كذباً " حكومة أربعة طويلة"، متجاهلين في الوقت ذاته وزراء الحركات المسلحة المزروعين في أخطر المناصب. متحججين بأن هؤلاء يمثلون استحقاقات اتفاقية جوبا للسلام " المقدسة" غير القابلة للّمس أو الاقتراب أو التصوير ، تماماً كحال كل المنشآت العسكرية !
* و لاختصر عليك الموضوع، يا صديقي، فإن "الخطأ الاسترتيجي" الذي أراه جِذر كل المشكلة و الدوامة التي نعانيها الآن، و الذي أقدمت عليه قيادات قوى الثورة جميعها ، من قحت و مهنيين و لجان مقاومة و منظمات مجتمع مدني، هو خطأ (الاعتصام أمام قيادة جيش البشير ) و توقعها أن ينحاز ذلك الجيش لصالح الثورة و التغيير .. مع تجاهل تام للحقيقة الكبرى أن هذا الجيش لم يعد ذلك الجيش القديم الذي يعرفه السودانيون.. فقد أعملت فيه الانقاذ مبضع جرّاحها الحاذق حتى اضحى جيشاً مؤدلجاً ، مصمماً و مدرباً لحماية نظام الانقاذ و "مشروعهم السياسي الاسلاموي" المعلن .. و ذهب بالفعل عندما اشتدت الأزمة السياسية إلى تغيير شكلي مُخادع و إلتفافي بابعاد البشير و رؤوس النظام البارزة "كورقة محروقة" من أجل استمرار النظام و دولته العميقة بوجوه أخري بترجيح أن ينطلي التمويه مجدداً على الشعب و العالم على نهج " إذهب إلى القصر رئيساً و سأذهب إلى السجن حبيساً"، و لكن بالمقولب هذه المرة، حيث مَن سيذهب الى السجن هو البشير شخصياً ، و من سيذهب إلى القصر أو يبقى فيه هم بعض اعضاء لجنته الأمنية العليا.. و ذلك لخلق واقع جديد عبر "انحياز مكذوب" للثورة و الشعب .. فانتهينا إلى ما أسميته دائماً ب ( نصف ثورة + نصف انقلاب) كتدبير لقطع الطريق ، في يوم ما قريب، على نصف الثورة و استكمال النصف الآخر من الانقلاب حتى يصبح أمراً واقعاً كامل الدسم كما شهدنا في ٢٥ اكتوبر العام الماضي.
* أخي العزيز.. يجب أن نفكر في أس البلاء و مصدر الخطر عوضاً عنإضاءة الإثنين 22 أغسطس
مرة أخرى " أصل الحكاية"..!
* خاطبني شاب أم درماني برسالة عبارة عن مقال مطول أرسله على تطبيق الماسنجر " الخاص " و بدا لي انه مهموم بمآلات الأحداث و التطورات التي تأخذ بخناق الوطن ؛ ويودّ أن يستمزج رأيي في ما كتب .. على كلٍ هو كاتبٌ جيد ي صب اللعنات على حمدوك و"قحت" الذين لم يكن في الواقع يملكون من الأمر شيئاً لو تأملناه مليّاً و بموضوعية و قرأنا مسارات الثورة التي انتهت بها إلى تقدير الموقف الخاطئ بالاعتصام أمام القيادة ، و الذي انتهى إلى "كارثة انسانية و سياسية و وطنية".
هكذا يجب أن تُقرأ الأمور على ما اعتقد أستاذ محمد الحسن .. و الله أعلم !!
هل لديك تعليق؟
لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *