:

لسان الحال د. مصطفى محمد مصطفى يكتب ( دعاة الحرب أجهل من توما الحكيم )

top-news
شركة شحن

توما الحكيم رجل من العرب ادعى الطب فقتل مريضه لانه لم يميز بين الحبة السوداء والحية السوداء في وصف الدواء. 

وعندما سألني بعض الاصدقاء عن سبب إعراضي عن الكتابة في ايام الحرب أجبتهم بأني لو كتبت لقلت إن حرب البسوس استمرت اربعين سنة، إنقرض خلالها أربعة أجيال من قبيلتي بكر وتغلب وفي نهاية الامر اوقفها بيت شعر انشده احد الاعراب في وجه الحارث بن عباد
قال فيه: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضناحنانيك بعض الشر أهون من بعض. وكذا حرب داحس والغبراء التي اندلعت بسبب سباق بين حصانين واستمرت نحو اربعين عاما قتل خلالها خيرة فرسان عبس وذبيان ومن ناصرهما ثم توسط الحارث بن عوف وهرم بن سنان فاوقفاها بالحوار، ولعل هذين المثالين كافيين ليمثلاء حروب الجاهليه العربية ومثلهما الحروب في عصرنا الحاضر اذ لا منتصر ابدا بل الجميع خاسرون. 
قلت له لوكتبت لقلت إن هذه الحرب وإن كانت في مظهرها عسكرية الا ان الجميع سيخوضونها رغم أنفهم، ليس هناك من مفر من المشاركة فيها بشكل من الاشكال، ومن ظن انه بعيد عنها او لن تطاله فهو واهم، ومن هرب الى اقاصي الدنيا فقد ترك خلفه اجيالا من الاقارب، ومن يرى في خوض الحرب شجاعة فهو شيخ الموهومين إذ ليس في ضغط زناد المدفع من خلف ساتر شجاعة، وليس في اطلاق الصواريخ عبر مئات الاميال فروسية، هي حرب الجبناء تقصف ثم تنتظر الاخبار لتعرف نتائج قصفك، هي حرب لا طائل منها ولن يكسبها أحد، ولايسعني ان اتصور ان حربا خاضها جيشان تبقي من الاول ثلاثة افراد ومن الثاني فردين لنقول ان الجيش الاول منتصر بل ان الجميع خاسرون. لا تقل لي انه لا يمكننا ايقاف هذه الحرب لان الجنجويد قد سرقوا ونهبوا واغتصبوا الحرائر، لا تقل لي لن ندعوا لوقفها بعد ان حشد الجنجويد اعراب الصحراء ودمروا بنيتنا التحتية فكل هذا ليس هو الحرب في ذاتها بل هو من اثأرها الجانبية فلولا كون الحرب مستعرة لما سرقوا ولا نهبوا ولا اغتصبوا، هي الحرب ولا تحدثني عن اخلاقيات الحرب التي ادنى شعبها القتل، ليس في الحرب رأفة ولارحمة ولا ذوق وأدب، من يدعوا للحرب لايجوز له ان يستنكر اعراضها الجانبية، هي الحرب هكذا عبارة عن باقة كاملة ومتنوعة فإما ان تأخذها كلها او تتركها كلها. انا لست مع من يبررون حرصهم على استمرار الحرب بسبب ان الدعم السريع استنفر الاجانب وحالفته القبائل العربية، لان هذا امر طبيعي فإن قاتلتني حشدت لك ابناء عمومتي اجمعين وطلبت العون والمدد من مردة الجن والشياطين، انا لا اشاهد مقاطع فديو الانتهاكات ولا استمع الى تسجيلات الفارين وما لاقوه من ويلات الا من خلال مشاهدتي للحدث الاصل وهو الحرب. نعم عليك ان تنتقد كل هذه المظاهر ولكن في اطارها فنحن في حالة حرب، قل نحن في حالة حرب ويصبح لديك وعي بكل اعراضها، وعندما تقول (بل بس) سيقول الطرف الاخر (بل بس) وهي الحرب. وعندي عندما يتعلق الامر بجيشين يكبر الله كليهما وهو يقتل الاخر ان نتعمد التسطيح ونبتعد عن الفلسفة والتحليل وإن قيل عنا غير مثقفين وان شتمونا وقللوا من قدراتنا الفكرية. هي الحرب وافضل ماقيل عنها هو: ابا منذر افنيت فاستبق بعضنا، ونحن نقول مثل ذلك الاعرابي ( بعض الشر أهون من بعض).

شركة جريس لاند لخدمات الشحن المختلفة

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *